نعم كما قرأت
إنه طفل ومع ذلك أنزل الله به قرآنا يتلى الى يوم القيامة ؟
بل وإنه طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره ..
إنه الطفل الجميل الوسيم الذي لا تراه إلا في الصف الأول في المسجد..
إنه ذاك اليتيم الذي استشهد والده في احدى معارك المسلمين ..
ووالده يقال له ( سعد القارئ ) ..
نعم أنه الطفل الصغير ( عمير بن سعد الأنصاري)
وإليكم قصته ..
كان عمير يعمل خادما عند رجل يقال له اللجلاس بن سويد ، وكان الجلاس يحبه جدا لأدبه وطاعته وصفاته الحسنة
حتى أنه كان يعتبره ولد من أولاده ، وكان الجلاس حديث عهد باسلام ( أي اسلم حديثا ) ولم يكن الاسلام قد دخل في قلبه بعد ،
وذات يوم سمع هذا الطفل السغير سيده يقول مقولة تسيء الى النبي صلى الله عليه وسلم ، سمعه يشك في صحة رسالة النبي ويقول :
(إن كان محمدا صادقاً فيما يدعيه فنحن شرٌ حمير)
فماذا يفعل هذا الطفل الصغير ؟
هذا الطفل الذي لا يملك مالا ولا بيتا ولا أبا يحميه ويرعاه .. ماذا يفعل بعدما سمع هذا الكلام الذي يسيء لحبيب قلبه محمد صلى الله عليه وسلم ؟ هل يسكت عن هذا مقابل طعام وشراب يقدمه له سيده الجلاس ؟
لا والله ، لقد تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك امور اغلى من الطعام والشراب والكساء ، تعلم أن حب الدين وحب النبي أهم من كل شيء سواهم ، كيف لا و مستقبل الانسان ينبني عليهم ؟
تخيل نفسك قد وقعت في هذا الاختبار الصعب ، ماذا ستفعل ؟ وانظر ماذا فعل وماذا قال هذا الغلام الصغير ...
لقد خاف ان سكت عن هذا الكلام أن ينزل الله به قرآنا يفضحه .. فقال للجلاس كلام محزنا يدل على ثقته بالله وتوكله على الله ،
قال: ﻳﺎ ﺟﻼﺱ، ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻲ، ﻭﺃﺣﺴﻨﻬﻢ ﻋﻨﺪﻱ ﻳﺪﺍً، ﻭﺃﻋﺰﻫﻢ ﻋﻠﻲ،
ﻭﻟﻘﺪ ﻗﻠﺖ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻟﺌﻦ ﺫﻛﺮﺗﻬﺎ ﻷﻓﻀﺤﻨﻚ، ﻭﻟﺌﻦ ﻛﺘﻤﺘﻬﺎ ﻷﻫﻠﻜﻦ،
على الفور انطلق الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقص عليه القصة ، ثم استدعى
النبي الجلاس وسأله عما قال ، فأنكر الجلاس هذا الكلام خوفا من الفضيحة ثم
حلف ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﻭﺇﻥ ﻋﻤﻴﺮﺍً ﻟﻜﺎﺫﺏ، فاشتد الاختبار على هذا الطفل الصغير ، ولا
شك أن بعض الصحابة قد غضبوا لما حدث وصدقوا الرجل الكبير ، فقام الغلام
الصغير من عند النبي صلى الله عليه وسلم ورفع يديه الصغيرتين الى السماء وقال
( ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻟﻚ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﺑﻪ )
وعندها جاء الوحي للرسول بالآيات الكريمة:
(يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ)
فعرف الجلاس انه افضح أمام الناس وقد صدق الله كلام الغلام الصغير وكذب كلامه فأراد ان يتوب ويصلح علاقته مع الله ويبدأ صفحة جديدة مشرقة وأكمل النبي الاية
( فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )
فإعترف الجلاس وقال : بل أتوب يارسول الله .. بل أتوب .
وهنا توجه الرسول صلوات الله عليه إلى الفتى عٌمير فإذا دموع الفرح تبلل وجهه المشرق ، فمد الرسول يده الشريفه إلى أذنه وقال : وفت أذنك - ياغلام- ماسَمِعَت ، وصدَّقكَ ربُك .
فتاب الجلاس ، وعادت علاقته مع عمير كما كانت ولم ينقطع عنه أبدا ، كيف ينقطع عنه وهو الذي صدقه الله من فوق سابع سماء وهو ما زال طفلا صغيرا ، وقد وقع الطفل تحت اختبار اكبر من سنه بكثير ، لكنه نجح في هذا الاختبار الصعب ..
هذه القصة وردة في تفسير القرطبي
المصدر
تسعدنا مشاركتك معنا على صفحة المدونة على الفيس بوك
~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~♥~•~
هذه التدوينة استهلكت ساعات من الجهد و العمل لافادتك..فلا تبخل عليها بدقيقة لتضغط على ايقونة “غرّد” و “اعجاب” ليستفيد غيرك
0 التعليقات:
Post a Comment